أسماء الحسيني (القاهرة، الخرطوم)

بينما تتسارع الخطى في صفوف قوى الحرية والتغيير للخروج بموقف تفاوضي موحد استعداداً للقاء اليوم مع المجلس العسكري والوساطة الأفريقية للبت في شأن الوثيقة الدستورية، قالت مصادر سودانية مطلعة لـ«الاتحاد» إن المبعوث الأميركي للسودان السفير دونالد بوث مارس ضغوطاً على المجلس العسكري لمصلحة قوى الحرية والتغيير، وأنه ينتظر على ضوء ذلك حدوث بعض التطورات الإيجابية.
وبحث بوث مع الفريق أول عبد الفتاح البرهان، رئيس المجلس العسكري الانتقالي، في الخرطوم، أمس، تطورات عملية المفاوضات الجارية بين المجلس العسكري وقوى الحرية والتغيير، بهدف التوصل إلى اتفاق يتم بموجبه تشكيل حكومة انتقالية بقيادة مدنية، وقال بوث إن الشعب السوداني انتظر طويلاً ليرى هذه الحكومة. وأوضح أن اللقاء تطرق إلى عدد من القضايا.
وكشف المبعوث الأميركي عن أنه بصدد التحدث مع جميع الأطراف في هذا الشأن، مؤكداً اهتمام واشنطن والتزامها بمساعدة السودانيين في الوصول لاتفاق بشأن ترتيبات الفترة الانتقالية. وقال: «إن واشنطن تريد أن ترى السودان وقد تجاوز المرحلة الحالية، وإنها ستعمل مع شركاء السودان الدوليين الآخرين للتأكد من أن السودانيين قد حققوا اختراقاً في هذا الشأن، حتى يتسنى دعمهم من المجتمع الدولي».
وأبدى المبعوث الأميركي تفاؤله بقرب تحقيق السودانيين لأحلامهم بتشكيل حكومة بقيادة مدنية ورئيس وزراء مستقل، وأكد التزام بلاده بمساعدة السودانيين في الوصول لاتفاق بشأن ترتيبات الفترة الانتقالية.
وفى الوقت نفسه، وعد الاتحاد الأوروبي بأنه سيدعم رفع السودان من قائمة الدول الداعمة للإرهاب في حال تسليم السلطة إلى حكومة مدنية، حيث ألمح وزير الخارجية الفنلندي بيكا هافيستو قبيل اجتماعات الاتحاد في بروكسل إلى إمكانية دعم الاتحاد الأوروبي لأي توجه أميركي مستقبلي لرفع اسم السودان من القائمة، لكنه شدد على ضرورة أن يتوصل كل من المجلس العسكري وقوى التغيير في السودان إلى تنفيذ الاتفاق الذي يضمن انتقالاً سلساً للسلطة للمدنيين.
وأكد الوزير الفنلندي أن الاتحاد الأوروبي يراقب تطورات الوضع في السودان عن كثب. وأشار إلى أن بروكسل مستعدة لتقديم دعم سياسي واقتصادي مهم للسودان بعد انتقال السلطة، مشدداً على ضرورة تعزيز دور منظمات المجتمع المدني والنساء، وضبط وتحديد دور الجيش في المرحلة القادمة.
وقال مدني عباس مدني، القيادي في قوى الحرية والتغيير لـ «الاتحاد»: «طلبنا تأجيل الاجتماع التفاوضي مع المجلس العسكري والوساطة لإبداء رأينا حول مسودة الإعلان الدستوري واستئناف التفاوض بعد إجراء تشاور واسع».
وقال محمد سيد أحمد سر الختم، القيادي بالحزب الاتحادي وقوى التغيير لـ «الاتحاد»، إن قوى الحرية والتغيير كانت في انتظار رؤية الجبهة الثورية في الإعلان الدستوري، وستنظر فيها قبيل اجتماعها مع المجلس العسكري والوساطة. وكان وفد من قوى التغيير قد التقى الجبهة الثورية التي تضم عدداً من الحركات المسلحة السودانية مؤخراً في أديس أبابا.
ومن جانبه، أعرب صلاح جلال، القيادي بحزب الأمة القومي، في تصريحات لـ «الاتحاد» عن اعتقاده بأن الاتفاق سيتم. لكنه أضاف: «إنها ستكون فترة انتقالية شديدة الاضطراب». وأكدت قيادات في قوى الحرية والتغيير لـ «الاتحاد» أن قوى الإجماع وتجمع المهنيين شاركا في اجتماع قوى التغيير أمس، وأنه كان هناك توافق كامل حول تعديلات ضرورية يجب أن تتم في الوثيقة الدستورية.
وقالت مصادر سودانية مطلعة لـ «الاتحاد» إن خلافات عميقة تعصف الآن بقوى الحرية والتغيير. ورجحت هذه المصادر خروج الحزب الشيوعي وحلفائه من قوى الحرية والتغيير.
ومن جانبه، قال الخبير الأمني الفريق حنفي عبد الله، وكيل جهاز المخابرات السوداني سابقاً لـ «الاتحاد» إن المجلس العسكري متجاوب مع ما تم الاتفاق عليه، ويرفض تبعية جهاز الأمن والمخابرات والجيش لسلطة مجلس الوزراء لضرورات فنية وأمنية وعسكرية، ويريد أن تكون تابعة لمجلس السيادة خلال الفترة الانتقالية. ونفى عبد الله وجود بند الحصانة المطلقة لمجلس السيادة خلال الفترة الانتقالية، وقال: «إن الموجود هو فقط الحصانة الدستورية، وهى مقيدة بالقانون، وترفع فور أي تجاوز».
وأضاف أن هناك صعوبات في إقناع الحزب الشيوعي الذي يحاول فرض شروطه. وقال: «إن العقبة الأساسية تكمن في موقف الحركات المسلحة أو ما يعرف بالجبهة الثورية الذين لم تسعى إليهم قوى الحرية والتغيير إلا بعد أن رأوا أن المجلس العسكري بدأ يسحب البساط من تحت أقدامهم وذهب للاجتماع مع هذه الحركات في تشاد وإريتريا، ولذا ذهب وفد من قوى الحرية والتغيير للاجتماع معهم في أديس أبابا، وطوال 5 أيام فشلوا في إقناع الحركات المسلحة التي قدمت لهم شروطاً صعبة، تتمثل في أن تكون هناك حكومة انتقالية لمدة 6 أشهر تخصص لمفاوضات السلام، وبعد الاتفاق يتم تكوين فترة انتقالية لمدة 3 سنوات، وطالبوا أن تكون لهم نسبة 35% من نصيب قوى الحرية والتغيير في جميع مؤسسات الفترة الانتقالية، وقد هددوا بأنه إذا لم يستجاب لمطالبهم سيباشرون التفاوض المباشر مع المجلس العسكري». وخلافاً لذلك، قال قيادي بارز بقوى نداء السودان لـ «الاتحاد» إن «الاتفاق مهدد من قبل العسكريين الذين يريدون الاستحواذ على السلطة، وجعل المدنيين كومبارس».
وأعلن تجمع القوى المدنية في السودان، أحد مكونات قوى الحرية والتغيير، أن لديه تحفظات على كثير من بنود الاتفاق السياسي والإعلان الدستوري، وقال إنها تجهض مفاهيم وقيم مشروع السودان الحرية والسلام والعدالة التي قدم في سبيلها الشعب السوداني التضحيات. وأكد أهمية تكوين المجلس التشريعي في مدة لا تزيد على 3 أشهر تبدأ من تاريخ توقيع الاتفاق على المرحلة الانتقالية.